الكرة في المزاد العلنى

0
90
أثناء احدي مباريات المنتخب المصري لكرة القدم
أثناء احدي مباريات المنتخب المصري لكرة القدم

إسلام جمال

منذ الازمان الغابرة والجميع يعلم أن لعبة كرة القدم هى لعبة الفقراء من يمارسها ومن يتابعها ومن يشجعها ، وكانت أيضآ لعبة لكل طبقات المجتمع وخصوصآ الطبقات الفقيرة التى كانت هذة اللعبة بمثابة طوق النجاة لهم ومتنفس حقيقى يستطيعون من خلاله أن يخرجوا ما فى صدورهم من ضيق وكبت ، وكانوا يهربون منها لينسوا كفاح لقمة العيش ومطحنة الزمان التى يعيشون بداخلها ليلآ ونهارآ ، فكان المواطن المصرى البسيط يجد المتعة ولذة الحياة عندما يذهب إلى مدرجه لمؤازرة فريقه حتى لو كانت ثمن التذكرة هو اخر ما يملكه من حطام الدنيا ولكن مع الوقت إرتفعت ثمن التذاكر ارتفاع رهيب سواء فى مباريات الدورى العادية او الكلاسيكو المصرى مما أدى مع الوقت قبل ثورة 25 يناير الى هجر الكثير من أصحاب هذة الطبقة البسيطة الى المدرجات لأن تذكرة المباريات أصبحت عبأ رهيب عليهم خصوصآ وأن المرتب كما هو لم يزد مليمآ واحدآ ؛ ولعلى إستمرت الأسعار بل ليأتي ذلك الموسم ببشرة خير لعاشق الساحرة المستديرة ليستيقظ على خبر أن سعر التذكرة الواحدة ب 100 جنية للمباراة الواحدة !
إذا أردت أيها العاشق المحب للمتعة الكروية أن تحتضر 10 مبارايات فقط لفريقك المفضل فعليك بدفع 1000 جنية
بالإضافة إلى مصروفات إنتقالاتك وإذا أردت أن تأكل أو تشرب في ذهابك للملعب !

ومن كان يذهب أيضآ الى منزله لمتابعة المباريات بعد يوم شاق مرير ليدخل فى قلب هذه اللعبة لينسى همومه ومشاكله ، فكلنا من ابناء جيلى نتذكر متابعة المباريات الأوروبية ومنها بطولة أوروبا للأندية بمسماها القديم وكنا ننتظرها يومى الثلاثاء والاربعاء بفارغ الصبر لنلتف حول التلفاز لمتابعة نجوم العالم فى كل الأندية الأوروبية ،

ولكن مع التدهور آسف وأعتذر أقصد “التطور الاعلامى” وزيادة عدد القنوات الرياضية والتنافس الشرس لزيادة ربحية كل قناة عن الأخرى وأصبحت المادة هى المحرك الرئيسى للعبة الشعبية الاولى فدخلت علينا مصطلحات جديدة أودت ( بالمواطن البسيط ) إلى سلة القمامة وأعتبرته ليس له وجود فى هذا العالم مع انه هو السبب الرئيسى فى نجاح اللعبة واللعبة بدونة تكون غير مجدية وليس لها معنى ولكن كل هذا ليس مهم، أهم شئ هى الربحية والمكسب المادى وإذلال الناس الى أن جاء المصطلح المرعب الذى أودى بالمواطن البسيط الى بئر سحيق من النسيان هو مصطلح ( الإحتقار ) الذى أبدعه وصنعه مالك أحدى القنوات الذى بدأ فى أوائل هذا القرن عندما قام بتشفير المبارايات والبطولات الكبرى وأذا أردت أن تشاهد المباريات بادر بالأشتراك وأدفع كل ما تملك لكى تتمتع ؛ فخرج المواطن البسيط وقال كيف أشترك ؟!
وأنا لا أملك حق هذا الإشتراك فكانت الإجابة نحن فى عصر التكنولوجيا والبرمجيات والإستثمار وأذا أردت ان تستمتع وتشاهد ما تحبه عليك ان تدفع ثمن متعتك فذهب المواطن الى المقاهى ليكون عرضه للإستغلال والجشع من قبل أصحاب تلك المقاهى ، والمواطن البسيط ما فى مقدورة ان يفعل وسط هذا الأخطبوط الإحتقارى والشبكة الدولية التى حاربت من أجل أن تمنعة من الإستمتاع بمعشوقته الاولى وتطور هذا الأخطبوط وإنتقل من قناة الى أخرى ليتوسع ويكبر ولا يستطيع أحد أيقافه ليكون ( الإحتقار ) لكل بطولات الكرة وكل الدوريات الاوروبية والعالمية
وحتى المباريات الودية لم يتبقى للمواطن سوى برامج التوك شو المثيرة للأشمئزاز لتزيد من همه وتضاعف الكبت بداخلة

أما عن سبيل الممارسة فأصبحت الشوارع مكتظة بالسيارات وأماكن الجراجات ولا يوجد مكان لقدم أن تسير فيه، فإختفت الساحات الشعبية الكروية التى أخرجت العديد من النجوم والمواهب الذين أصبحوا بعد ذلك من أساطير الكرة فى المحروسة ، وتبدل الحال من الساحات الشعبية المجانية الى الأراضى المصورة ذات الاضاءة القوية وأصبح مشروع مربح لمن يملكة لان الساعة الواحدة ب 200 جنية لكى يلعب طفل او شاب فى سن الدراسة ساعة واحدة علية أن يدفع على الاقل 30 جنية من مصروفه ، وأذا أراد أن يلعب مرة واحدة اسبوعيآ سيدفع 120 جنية شهريآ !
أو يذهب رب الأسرة ليكون عرضه للإستغلال الأكبر فأنه يريد أن يمارس ابنه كرة القدم أو أي لعبة رياضية فعليه الذهاب للاكاديميات التي لا تعلم شيئآ بل تأخذ ما في جيوب أولياء الأمور !
فغابت المواهب وغابت البطولات والإنجازات على مختلف كل الاعمار السنية فى فرق الناشئين والكبار . فأصبحت الكرة لعبآ ومشاهدتآ من الصعب بل من المستحيل على الطبقات الفقيرة أن تمارسها أو تشاهدها الا اذا كان معك ثمن متعتك، وكانت نتيجة لكل هذه التحولات ان تم بيع الكرة فى المزاد العلنى والذى يمتلك المال ( حلال علية المزاد )


لتصبح الكرة لعبة الأغنياء …

مصدرإسلام جمال الجنيني
المقالة السابقةهل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان انفراجة حقيقية؟
المقالة القادمةالدولة المتوحشة

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا