الموت أرحم

0
136

متى يمكن أن  تجتمع جميع الآراء حول شئ حزين ومرير مثل فكرة أن”الموت أرحم” لشخص ما؟

يحدث ذلك حين تعذب وتغتصب وتحرق طفلة ذات ٥ سنوات بدون رحمة أو ذرة شفقة من أهلها، أقرب الناس لها.

في مصر، بلد التدين والعبادة، طفلة صغيرة بريئة، تدعى جنة، يتخلى عنها أبوها وأمها، ويغتصبها خالها، وتحرقها جدتها للتستر على جريمة الخال. 

في النهاية، الحمدلله، ومن رحمة الإله، الطفلة ماتت، فارقت الحياة في المستشفى وحيدة، خائفة، متألمة، ومعذبه، لم تشهد يوم واحد جيد.

ماتت بعد أن فقدت بعض من أطراف جسدها نتيجة تعذيب جدتها وخالها لها، وفقدت ايضاً طفولتها وحقوقها، وكأن تجمع ظلم العالم كله ليكون من نصيب هذه الطفلة الصغيرة الجميلة. فماذا كان يمكن أن يحدث أسوأ من ذلك لها!

كنت اعتقد اني الوحيدة التي تخجل من إعلان تمنياتي للطفلة بالموت، شئ بشع أليس كذلك؟ أن تتمنى الموت لأحد عموماً، وخاصة لطفله!

حين نكره شخص ما بشدة، اخر شئ من الممكن ان نتمناه له هو الموت، أمر صعب وغير إنساني، مهما كان حجم اذيتهم، لا نستطيع أن نتجرد من إنسانيتنا بهذا الشكل ونتمنى الموت للآخرين بهذه البساطة!

لكن أن يصل الحال أن يتمنى (غالباً) كل متابعي قضية الطفلة جنة موتها، فهذا يعني بالتأكيد أن العالم أصبح أسوأ من ما يمكن وصفه، وأن معظمنا يعلم جيداً أنها لن تحصل على فرصة ثانية في هذه الحياة أو في هذه البلد حتى وأن استطاع الطب إنقاذها، وان عدم موتها كان يعني عذاب أخر مستمر وأبدى، وأن هذا المكان الذي نعيش فيه لا يؤمن بـ التأهيل النفسي ولا يوفره لأحد إطلاقاً، ولا حتى لطفلة بريئة مثل جنة.

أحاول أن أتصور أين هي الآن، اهي بمكان أفضل فعلاً كما يقول الجميع؟ هل سوف يتم تعويضها عن كل الآلام والظلم والقهر التي شاهدته وتعرضت له هذه الطفلة المسكينة؟ هل يوجد فعلاً عدل؟ هنا علي الأرض أو بعد الموت؟

هل سوف ينال خالها وجدتها الملعونين عقاب كافي؟ لا أظن أن الإعدام الذي يطالب به الجميع يكفي؟ العدل هو أن يتم تعذيبهما كما عذبوا الطفلة  بالضبط، تحرق جدتها ويغتصب خالها، أعلم أن ذلك التفكير يبدو متطرف وغريب، لكنِ لا أعتقد أن اعدامهم فقط بسلام وهدوء وسلاسه يعتبر عقاب حقيقي مقابل ما فعلوا بهذه الطفلة. فالموت رحمة لهم ايضاً، يجب أن يذوقوا نفس العذاب الجسدي والنفسي الذي فعلوا بجنة.

وهل سينال أبوها وأمها أي عقاب حتى وان كان عقاب غير قانوني، هل سوف يشعرون بالذنب لتخليهم عن ابنتهما وتعرض طفلتهم لهذا العذاب المميت أم سوف ينسى المجتمع والجميع القصة مع الوقت ولن يحدث شئ؟ 

يوجد كم طفلة أخرى في هذه البلد، في هذا العالم، تعاني وتغتصب وتعذب مثل جنة، كيف أصبح الشر هو السائد بهذا الشكل، كيف لا يتدخل أحد وينقذ هؤلاء الأطفال يا الله؟ كيف تسمح بذلك يا الله؟ أنهم مجرد أطفال، لا يستحقون أي شئ غير الخير والأمان، لماذا لا تنقذهم يا الله؟ لماذا؟ 

المقالة السابقةليه في جدل حول فكرة ” تجميد البويضات” ؟
المقالة القادمةرسالة من متطرفة دينيًا “سابقة”

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا