هل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان انفراجة حقيقية؟

0
133

أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، معلنًا أن عام 2022 سيكون عام المجتمع المدني في مصر، الوضع في المجمل يبدو جيد خاصة أن طرح أزمة المجتمع المدني وحقوق الإنسان في مصر شيء مغلق النقاش فيه منذ سنوات طويلة، وبالتالي الموضوع يستحق الإشادة بشكل عام.

لكن تطرق الكثيرون من المهتمين بحقوق الإنسان في مصر سواء أفراد أو منظمات، إلى أن الوضع متردي لدرجة تستحق أخذ خطوات كثيرة ومتوازي من أجل تحسين هذا الملف وكيفية التعامل معه.

أيّ هي الاستراتيجية وهل هي دليل على وجود انفراجة حقيقية في مصر؟

وفقًا للمؤتمر الذي تم إذاعته عن الاستراتيجية الذي أعدتها اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، والتي تم تشكيلها بقرار من رئيس مجلس الوزراء في 2018، من ممثلين عن وزارات الدفاع والتضامن الاجتماعي والداخلية والعدل وشؤون مجلس النواب والمخابرات العامة والرقابة الإدارية والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة والمجلس القومي لشؤون الإعاقة والهيئة العامة للاستعلامات والنيابة العامة.

الأمر الأول اللافت في هذه الاستراتيجية أن “المجلس القومي لحقوق الإنسان” الجهة الأولى المعنية  بهذا الملف لم تكن ضمن التشكيل المشارك في إعدادها، نرجع للجنة المشكلة المختصة بإعداد الاستراتيجية التي تم عرضها، والمسئولة عن “إعداد الملف المصري في المراجعة الدورية الشاملة من الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والرد على التهم المثارة ضد مصر في ملف حقوق الإنسان، وإعداد تقرير سنوي عن حالة حقوق الإنسان، والتواصل مع الهيئات الدولية وغيرها من الاختصاصات”.

محاور الإستراتيجية

ركزت الاستراتيجية على أربعة محاور”الحقوق المدنية والسياسية ٢- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ٣- حقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن ٤- التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان”.

وده بعد جلسات استماع ومناقشات بين اللجنة وبعض الأشخاص المعنية بملف حقوق الإنسان وناشطين حقوقيين منهم معارضين زي نجاد البرعي وأنور السادات، قبل ثلاث سنوات من ظهور الاستراتيجية.

نالت الاستراتيجية استحسان الكثيرين وعلق آخرون على بعض البنود مثل  عدم الحديث بشكل صريح عن الحبس الاحتياطي بل أن البعض رأى أنها تشجع على الحبس ولم تطرق إلى سوء استخدام الإجراءات ومدة الحبس أو إعادة التدوير-مصطلح سياسي-.

فمثلًا اعتبر مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت في حديثه لـ«مدى مصر» أن كلمة الرئيس السيسي وكل ما نشر عن الاستراتيجية حتى الآن هو بمثابة تشخيص خاطئ للتحديات التي تواجهها البلاد، وشاف أن  من  أبجديات حماية حقوق الإنسان هي؛ وقف الانتهاكات، ومحاسبة القائمين على هذه الانتهاكات، ثم تعويض ضحايا هذه الانتهاكات، لمنع تكرار هذه الانتهاكات.

لكن على العكس اعتبر المحامي الحقوقي نجاد البرعي، وهو أحد ممثلي منظمات المجتمع المدني الذين شاركوا في جلسات إبداء الرأي تجاه الاستراتيجية، أنها خطوة إيجابية لكونها المرة الأولى التي تلزم فيه الدولة نفسها بوعود وإصلاحات في مجال حقوق الإنسان خلال مدة محددة متمنيًا أن يتبعها خطوات إيجابية أخرى.وقال في تصريحاته إن إطلاق الاستراتيجية لا يعني حل كافة المشاكل غدًا أو حتى خلال السنوات المقبلة.

على الجانب الأخر الاستراتيجية تطرقت إلى نقطة هامة مثل عدم سقوط جرائم الانتهاكات الجسدية بالتقادم، والحديث عن صدور قانون يتيح استئناف الأحكام الصادرة من جميع أنواع المحاكم (قد يشمل ده المحاكم العسكرية وأمن الدولة)  وهي خطوة إيجابية بشكل كبير، بجانب الحديث عن قانون لحرية تداول المعلومات. لكن في المقابل نجد عدد كبير من المحبوسين احتياطيًا من سجناء الرأي تم تحويلهم إلى محاكمات عاجلة وصدور أحكام من محاكم أمن الدولة العليا بالحبس غير متضمنة مدد الحبس الاحتياطي نتيجة التدوير على قضايا أخرى، وغير قابلة للاستئناف”.

شملت كمان الحديث عن التأهيل النفسي لضحايا العنف، وزيادة أعداد الورش التأهيلية وفصول محو الأمية لنزلاء السجون، والتجمع السلمي (التظاهر والاعتصام)، لكن مع الاستدراج بإنه المشكلة بتاعته هو عدم وجود ثقافة عامة للمواطنين للمظاهرات والتجمعات السلمية بشكل قانوني وديمقراطي، فضلًا عن استمرار العمل بقانون التجمهر الملغي رقم 10 لسنة 1914،[51] وإصدار قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 المنافي للدستور.

هذا بجانب”التوصيات” عن ضرورة زيادة أعداد الأطباء، وتعزيز الخدمات الطبية في الريف، وتطبيق نظام التأمين الصحي، وعمل منصة إلكترونية لدعم الصحة النفسية، بس بدون الكلام عن الإلزام بتطبيق النسبة الدستورية للإنفاق على الصحة. وكمان توصيات عن خفض نسب الأمية، وتحسين جودة التعليم العالي، وتطوير منظومة البحث العلمي وتشجيع التفكير الإبداعي، وإصدار قانون يشدد عقوبات العنف ضد المرأة، والاهتمام بمؤسسات رعاية الأطفال ومتحدي الإعاقة ولكنها تظل في حيز التوصيات.

وتحت عنوان التحديات، أوردت الاستراتيجية عددًا من العوامل التي تعوق حقوق الإنسان في مصر، والتي يمكن إجمالها في؛ ضعف ثقافة حقوق الإنسان و الموروثات الثقافية الخاطئة التي تتعارض مع قيمها ومبادئها، وضعف مستوى المشاركة في الشأن العام، وضعف التواجد المجتمعي الفعال للأحزاب السياسية، وعدم انخراط الشباب في العمل الحزبي، وبالتالي المفهوم هو أن الشعب المسئول الأول لإعاقة حقوق الإنسان نتيجة عدم الوعي المتوارث فيه.

اقتراحات وحلول

في المقابل أصدرت مجموعة من المنظمات والأحزاب المصرية مجموعة خطوات عشان يكون في تغيير حقيقي في ملف حقوق الإنسان في مصر ويكون ملموس، أولها  مراجعة التشريعات الخاصة بالحبس الاحتياطي وتحديد سقفه، وقف “تدوير” السجناء السياسيين كمتهمين فى عدة قضايا، مراجعة الأوضاع الخاصة بالتدابير الاحترازية، حق التعبير للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في أجهزة الإعلام المملوكة للدولة ورفع الحظر عن المواقع المحجوبة وتأكيد دور أجهزة الإعلام في حرية تداول الآراء والمعلومات بحيادية ومهنية ونزاهة، ترابط قضايا العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فى حزمة توجهات استراتيجية تجسد المطالب التي عبر عنها الشعب فى ثورة يناير 2011 وانتصرت لها ديباجة الدستور.

 رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 2017 بالمخالفة للدستور، إنهاء الملاحقة الجنائية للمدافعين عن حقوق الإنسان وإغلاق القضية 173 لسنة 2011 ضد منظمات المجتمع المدني.

مصدرفريق التحرير
المقالة السابقةالأزمة السودانية.. مآلات ضعف توازنات القوى بين طرفي المعادلة السياسية
المقالة القادمةالكرة في المزاد العلنى

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا